recent
أبحر معنا

الزنزانة رقم 06- موت بلا موعد - صرخة


 صرخة

لا أحد يجيب ....
أرجوكم أخبروا الصحافة أخبروهم عن هذا المعتقل... هل يسمعني أحد أنا مسجون بتهمة فايسبوك أرجوكم أجيبوني لم أفعل شيئا ..


-         لا تتعب نفسك (صوت أحد الحراس وهو يفتح باب الزنزانة)
-         لماذا
-         لأن الزنزانة مصممة منذ عهدها الأول كمركز مراقبة للسوق فيها نظام يسمح للأصوات أن تصل لك رغم أن السوق بعيد عنك بعشرات الأمتار، ولا يسمح لصوتك بالخروج من هنا ولو لمتر واحد... هههه ستتسلى كثيرا ..
-         لماذا أنا أريد الخروج لم أفعل شيئا ثم ما تهمتي أريد محامي..قبل المحاكمة ..
-         اخرس يا إرهابي واْعلم أني إلى الآن لم أستخدم أيا من أساليبي لأني أراك مسالما... أنت متهم بالتخابر والإرهاب والأوامر أن تبقى هنا إلى أن يتم التحقيق... لا تكن أحمقا لا أريد معاقبتك.... كل يوم سأحضر لك وجبة واحدة وقارورة ما... لا تتعب نفسك في الصراخ لن يسمعك أحد ... إن أردت أن تنتحر فلك ذلك...هههه (يخرج الحارس ويغلق الباب بإحكام)
-         اللعنة إلى متى سأبقى.. أخبرني فقط.


هذا ليس عدلا أوضع كالفأر في هذا المكان الحقير وأُتهم بالإرهاب... تراهم قرأوا رسائل الفايس الخاصة بالغرام والحب وصور الخلاعة... أكيد... لكن لمَ يسجنوني بسبب رسالتين فقط؛ أعرف الأولى؛ لما أخبرني الزفت أنه سيرسل لي مالا من أجل أن أفتح مشروعا.... وفرحت... والثانية؛ لما أخربني بأنه سيرسل لي عبد المعطي أو أبو قتادة أو ضمادة اففف ما هذه الأسماء أشعر أني بين آل قريش.. ومن أبي قتادة بدأت الأمور تتعقّد ...رغم أنني كنت أحذف الرسائل.... كيف عرفوا؟.... لم يكن في نيتي أن أكون إرهابيا، أردت فقط أن أبدأ مشروعا ... كان سيرسل لي مئة ألف دولار، مبلغ كان سيجعلني ملكا... كم تراني سألبث في هذا المكان اللعين...؟ يعلو الغبار واللزوجة كل شيء، يبدو أن المكان لم تطله فرشاة ولا مكنسة، ولا رشّ بالماء منذ سنين... مكان موحش إنها حفرة للصرف الصحي وليست زنزانة؛ طولها  مترين وعرضها  متر ونصف ارتفاعها ثلاثة أمتار، بها مدخل حديدي صدئ في أسفله يبدو أنها لإدخال الأكل.. أي أكل قال وجبة واحدة أشعر أني سأتحوّل إلى حيوان في هذا المكان، كل الجدران رمادية اللون وهناك آثار للون زهري قديم، أغلبها يحمل كتابات وخربشات قديمة...
 "..سأموت بالمرض والوحدة ولا أحد يعرف بمكاني) (الصرخات لا توصل أصواتنا) (الألم يجعل ألواننا تذبل) (الموت بلا قضية أكلة باردة) (المسيح لم يُصلب ولم يذهب لأي مكان ظل في قبوه مسجونا ينتظر) (سيصبح السجن مزارا يوما ما) (لم أر المرآة منذ كنت إنسانا)..."


 في الجهة المقابلة الباب نافذة (فتحة) لتمرير الهواء  30سم×30سم لا ضوء على الاطلاق، أصوات الناس في السوق، لا تتوقف أبدا إنه وقت الذروة في اليوم، رغم كثرتهم لا أحد يسمع أنين من في الزنزانة.. لا حياة في هذا القبو، جهة اليمين عند الدخول يوجد سرير حديدي عليه أفرشة بالية وإلى اليسار مرحاض  من الألمنيوم وفي أقصى الزاوية إلى اليسار توجد طاولة عليها بعض الكتب وكتب أخرى مرمية على الأرض، الغبار يعم المكان والرطوبة قاتلة...تراني سأتحمّل المكوث في هذا المكان....


***
مضت أسابيع وأنا على هذه الحال، لحيتي طالت يبدو من كلام الناس أن الثورة مازالت تستعر... اليوم سأطلب من الحارس سكينا لحلق لحيتي ..
-ممنوع - كيف ذلك....
-         قلت لك اخرس واحمد الله أني أرد عليك، الأوامر أن أعطيك وجبة واحدة وأعرف أنك مازلت حيا فقط ... لحية صابون طبيب لا يهمني لو مت...
-         جيد إذن تريدون قتلي سأقاضيكم.. والله سأنتقم
(ينصرف الحارس وهو يضحك) ويقول : إذا خرجت حيا قاضنا هههه
-         -أظنه يعي ما يقول يبدو أني سأظل هنا إلى أن أموت..
-        مضت الأيام متشابهة والألم يزداد والأمل يبتعد، لم يعد وضعي يُطاق، كيف سأقضي بقية حياتي في هذا المكان؟ أشعر أني سأجن ... لا قد فقدت عقلي فعلا لم أعد أشعر بذاتي وبدأت ذاكرتي تفقد خيوطها...(للتفاعل وإضافة مسارات جديدة اضغط هنا/ اكتب الرمز مع الرسالة.02)
 (يدخل في حالة هستيرية حادة ويبدأ في الصراخ ويقلب الزنزانة ويُبعثر كل شيء).
 أثناء قلبه السرير لاحظ وجود بلاطة متحرّكة من مكانها... غطى الكاميرا بظهره وكأنه لم ير شيئا واقترب من البلاط ليلاحظ وجود شيء بداخل الحفرة يغطيه بعض الرمل... أزاله بسرعة فوجد لفافة من الورق مغطاة بالقماش، وضعها بين ركبتيه وتظاهر بالبكاء والانهيار ... لعلمه بالكاميرا المثبتة أعلى الباب، لكنه لم يكن يدري بأن الحارس انطلق من مركزه منذ لاحظ حالته الهستيرية، لحظات وحضر الحارس بعصاه الكهربائية وهو يقول أخبرتك أن لا تفعل شيئا...  ويصعقه بالكهرباء فيغمى عليه فوق اللفافة... يكوّر عليها وهو يصارع التيار في جسده، يتركه الحارس يتخبّط ويخرج دون أن يلاحظ اللفافة تحته، بعد أكثر من ساعة يستيقظ ويتأكد أن مصيره الصعق وأن موته غير مهم فعلا... لهذا عليه أن يكون متعاونا... هذا ما أيقنه أخيرا، بثقة لم يعهدها في نفسه قام، أزال التراب عن جسمه وخبأ بلطف اللفافة بين الكتب المبعثرة بعد أن رتبها غلى الطاولة... ثم رتب الفراش وهو يبكي تارة ويضحك تارة أخرى في حالة غريبة وكأنه تأكد من مصيره المحتوم ... وهو الآن يضع أول خطوة في الفراغ



Reactions:
author-img
الأدب والفن التفاعلي

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent