recent
أبحر معنا

الزنزانة رقم 06- حزن مسافر

حزن مسافر

https://interactive010101.blogspot.com/2018/11/blog-post.html
حزن مسافر

https://interactive010101.blogspot.com/2018/11/normal-0-false-false-false-fr-x-none-ar_52.htmlالأيام تمضي والزمن يتلاشى في زنزانتي، أذكر يوم حُملت ككيس البطاطا ورُميت على وجهي، أذكر أول صعقة كهرباء، لم تكن مؤلمة بقدر ما كانت مستفزّة، غيّرت مسار رحلتي تبدّل تفكيري، صرت أكثر نضجا يبدو أنه كان ينقصني بعض الكهرباء لأستعيد عافيتي الفكرية، ما يُحزنني أني هنا بلا ذنب سوى مراسلة فايسبوكية مع ابن عمي المتهم بالإرهاب... رغم ما أعانيه منذ أشهر إلا أنني بدأت أتأقلم وأفكّر أفضل مما كنت عليه خارج الزنزانة، خصوصا بعد عثوري على هذه المذكرات، أوراق مكتوبة بخط جميل تروي مآسي من عاش في هذه الزنزانة قبل عشرين سنة... تحكي حكاية بلد تم اغتصابه ورميه للكلاب، إنها أوراق حزن دفين عمره سنين، لكن يظل اللغز محيّرا حول كاتبها الذي يبدو أنه صحفي مشهور لم ينه المذكرات وعندي شعور بأن جزءا منها لازال مخبّأ في الزنزانة، لن يكون تحت السرير كالأولى لكنه قريب، سأستمر في القراءة وإعادة القراءة لابد من وجود هذاالجزء فالصفحة الأخيرة مبتورة .. عليّ البحث جيّدا وقت الليل، عليّ الوصول إليها.. لكن وإن وصلت! هل سأغيّر شيئا؟ فمصيري مصير هذا المسكين، شهور مضت ولا أمل بالنجاة....ربما لو أثّرت في الحارس يتعاطف معي، فهو يظل من أبناء هذا الوطن ولا يرضى له ما يحدث، ممكن يتعامل معي ويوصل رسالتي هو أفضل من حارسه، على الأقل أنا يكلّمني ويبدو في صوته حزن وأسى، رفض في الكثير من الأحيان الكلام على ذاته اكتفى بتوجيه بعض الأوامر ونصيحتي أن أحافظ على عقلي ربما أرادوني أن أجن ..
هذا اليوم سمعت صوتا في السوق يشبه صوت الداودي صديقي القديم صوته فيه بحّة خاصة لا يمكن أن أنساه كان رجلا شهما ومغامرا كان يقود إحدى حافلات نقل الطلبة المهترئة،  فقدته لما سُجن قبل سبع سنوات بسبب جريمة لم يرتكبها، كل ما قام به هو مساعدة جاره على رفع دولاب إلى شقته وفي الغد وجدوا زوجة الجار مقتولة، وزوجها لم يكن في البيت فقد كان يعمل حارسا ليليا، ووجدوا ورقة فيها اسم الداودي ورقم هاتفه فاتهموه وما زاد الأمر سوءا أنهم وجدوا بصماته في كل البيت، الزوج رفض الكلام مع أي احد واُتهم الداودي بالقتل وخرجت إشاعات كثيرة أنه على علاقة بالمرأة... أنا أعرف الداودي جيدا لا يمكنه أن يقتل ... إيه تراه هرب من السجن أو ظهرت براءته أخيرا، شككت لسنوات في أن زوجها هو من قتلها ودبّر كل الأمر .. من يعلم ... 

(للتفاعل وإضافة مسارات جديدة اضغط هنا/ اكتب الرمز مع الرسالة.06)

ذكرني صوت صديقي القديم بالصفحة ما قبل الأخيرة في هذه الأوراق المحزنة فالمسكين  تذكر أيضا صديقه لما سمع صوتا يشبهه ..لكنه كان متأكّدا أكثر مني من صوت صديقه، لكن لم أفهم ما حكايته بالتفصيل، فقد قدّم بعضها دون أن يُنهي الحكاية كانت ملخّصا لا أدري لماذا هل آلمته؟ أو ربما لم تعد تهمه وهو في وضعه ينتظر الموت...






لابد من البحث جيدا .... زدت في عمق الحفرة تحت السرير أكثر من نصف متر، وصلت الحجر ولم أجد شيئا، لا يمكن أن يخبأهما في ذات المكان.. لكن أين؟ ربما وجدوها... غير ممكن لو فعلوا لبحثوا عن هذه ولعرفنا الوثائق والفضائح من الإعلام .. ربما وضع إشارة في هذه الأوراق، غير معقول قرأتها مرات ومرات خطها واضح ولا إشارات غريبة .. ربما الإشارات في مكان آخر.. أجل ربما في ممر الهواء أو الباب أو الجدران عليّ البحث جيّدا سأبدأ الآن لكن الحارس.. لا أظنه يرتاب لأنه يعتقد أني بدأت أفقد عقلي وأصبح يُشفق عليّ خصوصا لما وجدني أكلّم الستائر، كنت أتذكّر صديقي المنجي لما أراد لقاء حبيبته، زارها في البيت حيث كانت لوحدها والبيت يقع في الطابق العاشر، ولم يلبث دقائق معها في البيت حتى عادت أمها وأخوها لأمر طارئ، فلم يستطع الخروج واضطر لقضاء ليلته في الشرفة في شهر يناير، ليقضي بعدها أسبوعا في المستشفى كان منظره مضحكا جدا .... والغريب في الأمر أنه تزوجها بعد مرضه، أذكر أني رقصت كثيرا في العرس، الرقص يجعلني ألتحم مع الفرح مع الموسيقى العالية أفقد شعوري بكل من حولي، شعور جميل وأنا أتحرر من كل شيء لا أظن أن الأمر يختلف عن الموت فيها تحرّر وانعتاق .. هل يمكن أن أحصل على بعض الموسيقى في هذه الزنزانة؟......



موسيقى صاخبة ... اللعنة على الزنزانة....
 أين وصلت في بحثي عن بقية المذكّرات ااه لم أبدأ بعْد ... ممر الهواء هو البداية... لا أريد البدء به، أصوات الناس تزعجني وكلامهم عن الغلاء يقتلني وقصصهم القذرة تجعلني أنسى أني إنسان... سأبدأ بباب الزنزانة رأيت عليه خربشات، لا لا هو الآخر يذكرني بقدومي إلى هذا المكان البائس، سيعيد شريط الألم والقهر إنه باب جهنم لا أريد البدء به، لم تبق إلا الجدران هي ملاذي الأول، عليها نشر المسكين آلامه وعليها رَسمت بعض آمالي، علاقة السجين بالجدار علاقة المنْع إنه يمنع عنك التواصل يقيّدك في المكان ويثبّت الزمن يجعلك كالصورة داخل لوحة لفنان عاش حقيرا وأصبحت هي مشهور تُعرض في متحف بائس لا يزوره سوى من فقدوا الأمل في الواقع، أنت سجين والجدران تمارس العنف ضدك، وهنا تبرز قدرة الكلمات والرسومات على تحدى قيد الجدار، إنها تعبر بين مساماته لتريك العالم، إنها تعطيك الفرصة لتقول أنا حر رغم الجدران... جدران الزنزانة محمّلة بأثقال الكلمات؛ أبدأ من الجدار الأول عليه كتابات قصائد (....)لا أظن الشعر يحمل مفاتيح للحياة إنه مجرّد كلمات تترجم الألم والإحباط في كل شيء... لا أدري لمَ أصبحت أكره الشعر والشعراء ربما لأنهم يكذبون كثيرا خصوصا على أنفسهم ... أسوأ كذبة تلك التي نكذبها على أنفسنا ... كذبتُ مرة على نفسي وأخبرتُني أني أحب فتاة تعرفت عليها في الفايس بوط اسمها نجاة... لا صليحة اسم قديم لا لا اسمها منيرة ولا هذا لا يهم اسمها، المهم أني أقنعت نفسي أني أحبها، وكتبت لها قصائد وقصائد وقلبي يخفق كلما أرسلت لي، صرت مدمنا على الجهاز ساعات وساعات...هههه.. اتضح بعد فترة أنها صديقي منير، كان مقلبا منه،غضبتُ منه كثيرا ولم أكلّمه لأكثر من شهر، لكني سامحته خصوصا لما رأيت حالته وهو يفقد أمه وأخاه بسبب عدم قدرته على مداواتهما بعد حريق ألمّ ببيته، لا يوجد في بلادي كلها إلا مستشفى واحد خاص بالحروق وكل الشعب يحترق، حاولنا مساعدته لكننا قُصّر .... إنها مواسم الحريق ظل منير حزينا إلى أن قرّر هو الآخر اختيار طريق احدى البلاد العربية التي تشتعل بالحرب سألت عنه ابن عمي زكي لكنه لم يخبرني عنه شيء ربما هو في تنظيم فاحش آخر سمعت أنهم يقتلون بعضهم بسبب شرب الماء واقفا أو جالسا... ماذا لو شربت الماء نائما....


هل يصنع الألم منا وحوشا أم يجعلنا أكثر إيمانا؟...أمر مقزز أن نقتل إنسانا لأن نصا في كتاب قديم أخبرنا أن نذبحه لأن سرواله طويل، ألم تذكر النصوص شيئا عن الدواء ومكيّفات الهواء والطائرات وكل ما حقّقه الإنسان فقط ينقلون لنا الموت والفناء حتى الألوان فهي محددة في اللباس ... أتذكّر جيّدا الصراعات التي خضتها مع ابن عمي زكي وجماعته في الإقامة الجامعية وهم يجادلون بالكتاب والسنة وكنت وصديقي رضوان نناقشهم ونستفزّهم، في الحقيقة كنا نمزح فقط نعطيهم التناقضات وهم يتعصّبون لدرجة أنهم أرادوا ضربنا يوما لما أثاروا قضية آية الرجم.... أففف لمَ أتذكّر كل هذا ليذهبوا جميعا إلى الجحيم ... هل سيدخلني الله إلى الجحيم بعد موتي هذا ما قاله زكي، لا أظن أنا أحب الله وأنا أتعذب الآن بسبب زكي..
منير صديقي رغم أنه كثير التشدد في أيامه الأخيرة، لكنه لن يرضى لي الجحيم أكيد سيشفع لي عند الله ...هو صادق وسيكون شهيدا ... ربما لا لكن لحيته كبيرة ويقول الله أكبر وهو يفجر رؤوس العرب الكفرة في تلك البلاد، لكنهم ليسوا كذلك...
عدت مجددا للهذيان عليّ التركيز أكثر ما الذي جعلني أقف أمام هذا الجدار..اه المذكرات، البحث عن الجزء المفقود، والشعر لا يحمل إلا الكذب عليّ بالجدار الثاني لكنه لا يحمل أي علامة أو كتابة إنه رمادي ناصع في معظمه  ربما تركه كشاهد على رتابة أيامه أو ربما عرف أنني سأسجن بعده وتركه لي كي أكتب عليه. الرجل صحفي ومفكر وديمقراطي وتشاركي..اففف لهذا ربما رسمت تلك الستائر إنها الوحيدة الموجودة عليه حيث تخْفي نافذة غير موجودة أصلا انتظرتها كثيرا كي تفتح لكنها تأبى ذلك.....لم يبق إلا الجدار الذي يحمل الباب وجدار ممر الهواء .. سأبدأ بالباب، لا شيء مثير للاهتمام، بعض الكلمات اليتيمة يبدو أنها سقطت سهوا من كاتبها ... من نوع خطها يبدو أنها ليست لصاحب المذكرات ربنا لرجل آخر سُجن هنا منذ زمن بعيد.. الاستبداد يتناسل ولكل عصر فرعونه... الروعة أن تحب والأروع أن لا تكره ... من أجمل ما قرأت على هذا الجدار، جدران الزنزانة لا تختلف عن جدران الفايس إنها جدران اللعنة وقتل الوقت تجد عليها كل شيء الصدق والكذب، العذاب والنشوة، الأمل والخيبة... كشفت لنا عن الكثير ولا تزال إنه غيب القرن 21 وليته كان غيبا صادقا...
 قليلة هي كلمات وعبارات الحب في هذه الزنزانة البائسة.. لا وجود لرسم القلب الذي يشقّه سهم، يبدو أن كل من سُجنوا هنا يعانون مثلي ولا حظ لهم في النساء ... على الباب الحديدي كتب كلام كثير مبعثر لم يلفتني إلا عبارة منحوتة بحبر يميل إلى السواد تقول "الشر قابع في الإنسان تحرّكه المصالح والأنانية.  "..
لم يبق إلا جدار ممر الهواء ومصدر الأصوات المزعجة، أقتربُ وأنا مدرك أنّ قصصا جديدة ستستفزّني ربما حول النساء أو حول وباء أصاب المدينة بل حول ... لم يعد برأسي شيء إلا وسمعت به منهم، عليكم اللعنة جميعا، كم أتمنى أن أسمع يوما أن مرضا قاتلا أصاب العباد كلهم وهم يحتضرون الآن لتستريح منكم الأرض.

شيء جميل أن نرحل جميعا كل الجنس البشري وتبقى الأرض خالية إلا من الحيوانات والنباتات تلك الكائنات البريئةالتي خُلقت لتمارس الحياة دون بغضاء ولا حقد لا رشوة لا شر في داخلها، تعيش في حب وسلام حتى في افتراسها، لا تفسد تأخذ حاجتها فقط اااه لكن يجب أن أبقى أنا أيضا،لابد من ذلك فأنا لست من الفانين ربما سأختار بيتا عند سفح الجبل لا أحد يزعجني وحدي في عالم مليء بالحب سأكون آدم الجديد... لكن ألا تلزمني حواء... لا لا لا أريد، بذلك سأعيد الكرّة مرة أخرى ويتألم العالم بسببي، فأنا أيضا أحمل الشر في داخلي وسيكون من ذرّيتي القاتل والسارق والفاسد.. سأبقى وحيدا بلا حواء ولما أكبر وأعرف بدنوّ أجلي أسلّم جسدي للحيوانات لأتفرّق بينها وأبقى بداخلها ما بقيت في هذا الكوكب الجميل ... لأرقد بسلام في عيونهم... أما البشر سيرحلون بلا رجعة....



أسمع وقع أقدام كثيرة في السوق يبدو أن جميع سكان المدينة في السوق ... هذا ليس يوم الجمعة ولا العيد اقترب، ماذا هناك يا ترى؟ عمي رابح الخضار غائب منذ فترة لا أدري ماذا حدث له، كنت سأعرف الخبر منه أو ممن يرتادون محله... صراخ امرأة تبحث عن ابنها الضائع يتداخل مع صراخ بائع البيض الذي لم يكف على ترديد ثمن البيضة وكأنه يصرخ من داخله، ليخبر الجميع أن ثمنها تضاعف أكثر من مرة خلال بضعة أشهر، يصرخ ويزيد، يتداخل مع صوته صوت بائع بيض آخر وثالث ورابع أيّ سوق هذا الجميع يبيع البيض، يبدو أن البلاد كلها تبيض تحوّل الجميع إلى دجاج، لكن يجب أن يصبح الثمن أقل ..كل شيء بالمقلوب... أخيرا أحدهم يوشوش في الهاتف يبدو أن أمرا جللا حدث في البلاد انتهت الثورة وعاد الناس لمنازلهم، غيّروا الرئيس لكن النظام بقي كما هو، الجميع مسرع يخشون الانقلاب الكل يشتري ليُخزّن،  يقولون إن السلع سيتضاعف ثمنها مرة أخرى رفعوا الدعم عن كل شيء.. بل ستنقطع السلع نهائيا من السوق خصوصا المستوردة، سنون الشر والآفات قادمة، بهذه العبارات صرخ شيخ مسن ... 

(للتفاعل وإضافة مسارات جديدة اضغط هنا/ اكتب الرمز مع الرسالة.07)
 
قد أخرجُ مادام الرئيس تغيّر ، أنا لست من الثوار أنا متهم بالإرهاب، اففف لا قد  يعتبروني من الثوار، هذه التهمة ملفّقة، لكن من يسمعني فلا أظن أحدا يعرف مكاني غير المخابرات وهذا الحارس المسكين، أساسا لن يسأل عني أحد، فلا أهل  لي ليفتقدوني،  زوجة أبي الضبعة أو أخوتي الصغار الذي لا يعرفوني أصلا لم أرهم إلا عندما  توفي أبي ... أبي أكثر رجل بائس قابلته في حياتي يبدو أني ورثت منه بؤسه، ظل يعمل طيلة أربعين سنة حارسا عند أحد المقاولين في المنطقة يجني أجرا زهيدا، مرضت أمي وماتت دون أن يتمكن من علاجها، زوّجه المقاول بقريبته الضبعة بعد أن طلّقها أكثر من رجل لطباعها الشرسة.. أنجب منها صغارا كثر، لا أذكر عدد أخوتي معها ربما ثلاثة أو أربعة، فلم أرهم جميعا آخر مرة، كان ذلك قبل سنوات... ربما أنجبت واحدا آخر بعد وفاة أبي ... مات تحت أنقاض أحد السكنات المغشوشة التي يبنيها المقاول قال الجميع قضاء وقدر ولم نأخذ ثمنا لحياته، سوى كيس دقيق وبعض اللحم عشاء للفقراء في القرية ... رغم أني حزنت عليه بعض الوقت، لكن فيما بعد أصبحت أشعر بالسعادة كلما تذكرت أنه عند الله، أكيد هو في الجنة الآن كان إنسانا طاهرا عفيفا لا يؤذي أحدا ...
أقف أمام الجدار وأسمع الأصوات المزعجة، وأحاول تذكر سبب وقوفي، مضت ساعات وأنا أقف بلا حراك حتى أني لم أنتبه للحارس وهو يرمي بالأكل من تحت الباب ... ظلت ذاكرتي مفتوحة على ماضيّ الحزين ومغامراتي التي لم تنته، عن أيام الجامعة التي مضت كلمح البصر، أذكر يوما جلست في غرفة بعض الأصدقاء أذكر رقمها إلى الآن 22 في الجناح ج




أفكّر دائما في حالي التعيس رغم أني خرجت من البيت مبكّرا لكن لم أعمل في حياتي في أي وظيفة إلا لأيام، كنت دائما أدبّر رزقي بطرق مختلفة أبيع المحاضرات، أساعد صديقي صاحب المقهى ويعطيني بعض المال أو أجلس في مقهى الانترنيت بمقابل أن أبحث في الصفحات لصاحب المقهى على البحوث لتلاميذ المدارس .... البطالة شيء مرعب كالغول للطفل، تشعر أنك بلا جدوى تعيش على هامش الحياة، ويزداد الأمر سوءا لما تدرك أنه لا أمل لك في العمل بالتخصص الذي درسته في الجامعة ... نسيت كل القوانين التي درسناها فأغلبها تغيّر منذ تخرّجت. كيف سأترافع على أحد بلا قوانين؟... لكن المرافعة لا تحتاج قوانين ولا قوالين، هذا ما حفظته من أستاذ القولون في الكلية، المرافعة تحتاج إلى الكلام والحضور و أشياء أخرى هو لم يخبرنا بالأشياء الأخرى ..ربما أخبر بعض الطالبات بها، أما أنا فلم أعرف تلك الأشياء إلى الآن ربما هذا سبب عدم عملي ...
فخري رطروط- القانون



السكون يعم المكان يبدو أني مكثتُ واقفا في مكاني إلى آخر الليل، نسيم بارد يتدفّق مع ممر الهواء مع رائحة بقايا الخضر والفواكه العفنة، تعوّدت على الأمر أصبحت حياتي رتيبة.. لكن خلال الفترة الأخيرة بدأت أوضاعي تزداد سوءا، وبت أخشى أن أكون قد فقدت السيطرة على ذاتي، ازداد الأمر بعد قراءتي للمذكرات... آه تذكرت أنا هنا لأبحث في الجدار الأخير عن علامات قد توصلني إلى الجزء الثاني من المذكرات ... على الجدار عبارات كثيرة بعضها عمودي وأخرى مائلة وثالثة أفقية..ههه بعضها فيه سب وشتم وكلام ناب، أول مرة أنتبه لبعضها رغم أني قرأت الكثير منها في السابق، يبدو أنها بخط صاحب المذكرات، أكيد قد كتبها في لحظات غضب، ربما سمع خبرا محزنا عبر السوق أو ظل يكتب ما يسمعه من كلام العوام وسبهم لبعضهم في السوق.. يشتم قهره والأوضاع التي يعيشها... (سأموت بالمرض والوحدة ولا أحد يعرف بمكاني) (الصرخات لا توصل أصواتنا)(الألم يجعل ألواننا تذبل) (الموت بلا قضية أكلة باردة) (المسيح لم يُصلب ولم يذهب لأي مكان ظل في قبوه مسجونا ينتظر) (سيصبح السجن مزارا يوما ما) (لم أر المرآة منذ كنت إنسانا) هذه العبارة ذكرتني بوجهي فلحيتي طويلة أتحسسها بيدي لا أدرى ما حدث لوجهي لأنني لم أره في المرآة منذ زمن طويل بدأت أنسى ملامحي، ما هذا الشعور الغريب، فعلا أنا أنسى ملامحي ترى هل كنت وسيما؟ لا أظن كل الفتيات تحاشيْنني ...
 فضيع أن تنسى ملامحك وتذوب ذاكرتك البصرية، كل شيء تلاشى من دماغي.. لكن ما زلت أذكر ملامح بعض أصدقائي؛ ملامح أبي المسكين وآثار الزمن وهمّ الشقاء على وجهه، أذكر وجه عبد السلام صديقي وهو يفارق الحياة أمام أعيننا بعد أن شرب السم وانتحر من أجل حبيبته، لم أكن أظن أن في زمننا بقي حب كحب عبد السلام، دائما اعتبرته مجنونا لا يمكن أن أتخلى على الحياة من أجل فتاة... لكن آدم ترك الجنة ... صرت الآن أقدّر عبد السلام ليت لي فتاة أحبها أيضا وأنا مستعد أن أموت من أجلها المهم أن تحبني...على الأقل أجد شيئا أعيش من أجله، شيء جميل يجعل العالم وردي ورائع ااه فتاة أتنفّس بها... أسوأ شعور أن تكتشف أخيرا أن حياتك تافهة وستخرج منها كما دخلت بلا أي أثر، ها هي أيامي باتت معدودة سأدفن حيا، لو كانت لي فتاة لتذكّرتها وأنا أرحل بسلام سأضمها في خيالي .... لكن لا لا أريد فتاة هن مخادعات في الأصلعبد السلام صديقي راح ضحية انتحر بعد أن سمع انها انتحرت... اتضح أنها لم تفعل وهي الآن مع زوجها هههه.. بأبنائها ولسخرية الواقع لم تطلق اسمه على ابنها الأول عبد السلام هههه
شدتني عبارة مكتوبة بشكل مائل تبدو كأناشيد أو تراتيل، إنها عبارات مكتوبة بعد تعب كبير....
حروفها منهكة تبدو لصاحب المذكرات إنها كلماته الأخيرة...
https://interactive010101.blogspot.com/2018/11/Thelastcommandment.html









خربشات أخرى تملأ المكان لكن هذا النص يبدو الأكثر حماسة ويُخفي الكثير– قف حيث تقرأ صلاتي وعد إلى الوراء- يظهرمن خلال عباراته أنه يرسل رسالة مشفّرة... أو ربما جنّ في أيامه الأخيرة، غير مهم كلنا مصاب بالجنون، سأحاول فك هذه العبارات .. إنه يرسل لي رسالة لكن كيف؟ هل يعلم أنني سأكون هنا؟... بل يعلم أن الظلم لن يتوقّف يعلم أن العشرات سيدخلون هذه الزنزانة اللعينة... أقف حيث أقرأ وأبحث عن بقيّة المذكرات لا بد أنه خبأها بشكل أكثر حرفيّة من الجزء الأول الذي خبأه تحت السرير، فهي واضحة ويبدو أن أحدا لم يقلب ذلك السرير منذ وفاته... لكن الجزء الثاني يبدو أن مكانه أكثر سرية وسيصعب الوصول إليه، والأكيد أنه يحمل لغز الوثائق؛ أية وثائق أنا أشك في وجودها هو مجنون وأنا أيضا، غير مهم لتكنْ أملي الوحيد في بقائي حيا ربما لو لم أعثر على هذا الموضوع لكنت انتحرت، لا لا أنا جبان الشجعان فقط يواجهون الموت بصدور عارية...  أنا أهذي كالعادة هل جننت أخيرا؟ ..  لا.. لا عليّ تمالك أعصابي، وما سأخسره أنا مجنون أو ميّت؛ الجنون نوع من قتل العقل، وموتي محتّم في هذه الأوضاع، لأكمل القصة إذن بما يناسبها من جنوني، فلا شيء أخسره..حيث الممر الوحيد للحياة إنه يقصد مكانا محددا في الزنزانة لعله يقصد ممر الهواء- غير ممكن- فهو ضيق جدا (30سم× 30سم) وهو مكشوف والاسمنت يغطي كل شيء .. لا ممرات أخرى في الزنزانة إلا الباب لكن كيف سيخبّئها في الباب تراه أعطاها الحارس ههه غير ممكن، أو علّقها في أطراف الباب .. لا شيء واضح... ممر ...ممر منفذ إلى خارج الزنزانة أين نجد الممرات في البيوت أين؟... الأبواب، النوافذ، المداخل مع أسلاك الهاتف، لا هاتف في زنزانتي... هناك ممرات أخرى في البيوت الصرف الصحي ههه ..نعم وجدتها، ربّما يقصد ممر الصرف الصحي، مرحاض الألمنيوم البارد، لعلها هي الضلوع الباردة، كما يعد ممر الحرية الوحيد لكن للحشرات ليس للبشر ... أجل لو لم يكن بشرا لنال الحرية... سأفحصه، الوقت مناسب وهو بعيد عن الكاميرا... كما توقّعت إنه الطريق الوحيد للحرية... كل هذا الوقت وهي بقربي بين صحيفتي الألمنيوم أي دهاء هذا، أرجو أن لا تكون الرطوبة اتلفتها، قطعة البلاستيك مهترئة تبدو الأوراق سليمة أطرافها يابسة متكسّرة... عليّ أن أحفاظ عليها سأخبّئها تحت السرير إنه مكان آمن .. ههه .. أصلا لا أحد يدخل إلى هنا، فأنا أعيش وحيدا منذ أكثر من سنة ربما أقل لا أذكر...
diary








شكل أوراقها يبدو مختلفا، سأقرأ بعضها فقط والباقي سأقسّمه على الأيام المقبلة، ربما الشهور أو السنوات لم يعد الأمر مهما ... لا بل هو مهم -عليّ أن أجد طريقة لإيصال المذكرات والبحث عن الوثائق ههه، وثائق عمرها عشرون سنة أي نفع لها، كل المسؤولين أكيد ماتوا .. لا لا مازالوا أحياء لا أتذكر وفاة رئيس أو وزير ... المسؤولون لا يموتون هي قاعدة أوطاننا ... سأقرأ أولى صفحاتها .... يبدو خطّها مرتعشا بحبر مغاير أو ربما ذات الحبر لكن الرطوبة أثّرت عليه... أظنه حبر أسود الأوراق غير متجانسة في كمية المكتوب... الصفحة الأولى بلا عنوان كما في الجزء الأول من المذكرات...

https://interactive010101.blogspot.com/2018/11/diary.html




تبدو جمله أكثر اقتضابا، إنه يسرع في رصد الأحداث، كأنه ينازع الموت، الصفحة الأولى بلا ترقيم والثانية أيضا، إنه يتكلم عن من أدخلوه السجن، لكن لا أسماء إلى الآن... ما هذا؟ ! إنه يتكلّم عن ابنته بالتبني في الصفحة الثانية...
https://interactive010101.blogspot.com/2018/11/diary2.html










تزداد قصّته تشعّبا، تراها من تكون هذه الفتاة الصغير؟... سأعرف كل شيء، الآن عليّ إخفاء المذكرات مع البقية تحت السرير، قبل أن تبدأ حركة الحارس ومراقبته اليومية، فقد صرت أحفظ حركة قديه وهو متجه نحو باب الدهليز، كما أعرف بدقة ساعة زيارته لبابي، يكتفي بالنظر والتأكد أني على قيد الأمل، ويرمي لي طعاما لا أعرف مذاقه، هو يشبه الشيء المطبوخ لكن لا أظنني أكلته من قبل، ثم أنا لم أتذوق غيره منذ دخلت فلم أستطع تحديد مذاقه، تراه يشبه العدس ... لا لا لا أظن طعم العدس والحبوب لا يُنسى فهي أكلة عامة الشعب... أيضا لا يشبه اللحم...
(للتفاعل وإضافة مسارات جديدة اضغط هنا/ اكتب الرمز مع الرسالة.08)

لوحة للفنان نصر الله بن الشيخ
لا أعلم كم لبثت من الوقت نائما لم أشعر بشيء ...

 يوم آخر من التعاسة المستمرة... لعل ما يبقيني على قيد الأمل والذكرى هذه المذكرات التي جعلتني أكثر تشبثا بالحياة، الفضول هو ما يجعلني أشعر بحركية الزمن... الصفحة الثالثة من هذا الجزء بين يدي لعلني أجد أخبار هذه الفتاة أو اسمه...
https://interactive010101.blogspot.com/2018/12/diary3.html
 متاهة أخرى وشخوص جديدة في حياة هذا الرجل اللغز... من هو عمي الطاهر... الورقة الرابعة ربما تحمل الإجابة..
https://interactive010101.blogspot.com/2018/12/diary4.html


قصص مروّعة لا أكاد أمسك خيطا حتى تضيع مني خيوط أخرى، أخوه وزير وهو في السجن لديه ابنة بالتبني أفكاره ثورية ... لكن السؤال الذي حيّرني ما اسمه، إن كان بهذه الشهرة أكيد يعرفه الجميع، ربما من الصحفيين المتهمين بالخيانة ومغادرة البلاد، أو ممن مات بسكتة قلبية، هذا ما كان ينقله لنا الإعلام، كل شيء مغلّف.. بعد قراءة هذه المذكرات لم أعد أثق بشيء ولا بأحد الكل يكذب على الشعب... 

(للتفاعل وإضافة مسارات جديدة اضغط هنا/ اكتب الرمز مع الرسالة.09) 
مذكرات لا تحمل أي توقيع في كل الصفحات التي قرأتها، حتى اسم أخيه ظل مجهولا، لعّله كتبها في الصفحة الأخيرة من هذا الجزء الثاني، عادة يُكتب اسم الكاتب في آخر المذكرات مع توقيعه وتاريخ الانتهاء منها... الفضول يدفعني لمعرفته سأرى ... آخر صفحة تحمل الرقم 40 لا أسماء في الأخير، فقط السيد منصور رئيس التحرير... لا أعرف شخصا بهذا الاسم.. افف كان هذا قبل عشرين سنة كيف لي أن أعرف، ثم أنا أجهل الصحافة وما يتم تسويقه من قضايا فأنا على هامش الحياة منذ ولدت... الكتابة تحتل كل مساحة الورقة مع تمزق لأطرافها، يبدو من أسلوبه أنه يريد الإنهاء في الصفحة الأربعين لعل المرض اشتد به ..
https://interactive010101.blogspot.com/2018/12/diary40.html



 

بدءت الأصوات تتعالى من السوق يبدو أني قضيت وقتا طويلا في الهذيان وقراءة الصفحات الأولى والأخيرة، لا أشعر بالنعاس لكني متعب جدا أتعبتني الحكايات التي لا تنتهي لهذا الرجل الغريب ... كما شدّتني حكاية الضاوية، الفتاة المسكينة ترى ما مصيرها، هي من عمري تقريبا أو ربما تصغرني بقليل، هل لا تزال على قيد الحياة؟ ربما أدخلوها الملجأ أو أخذها عمي الطاهر أو الوزير ههه وزير حقير... سأتمدّد قليلا قبل مواصلة القراءة....
الحلم شيء جميل خصوصا عندما تعيش في زنزانة لأكثر من سنة، إنه الطريقة الوحيدة للخروج من هذا المكان العفن لا أحد يمنعك عن الحلم، لا حراس ولا بوابات ولا جدران، والجميل في الحلم أنك غير مقيّد بأي ضابط كل شيء مباح ومتاح ... ولجمال الحلم لم أحظ  به إلا مرات قليلة في محنتي هذه؛ مرة منها حلمت أني أحلّق فوق الشاطئ مع النوارس وأرى الجميع في الأسفل، أعجبتني تجربة الطيران.. لم تدم طويلا إذ سقطت في الحلم بعد أن اصطدمت براية الوطن على أحد القوارب، وسقطت في البحر وبدأت أتبلل وأغرق، فاستيقظت منزعجا ووجدت نفسي على أرض الزنزانة، وقد بلّلت المكان كان الجو جد بارد ولا أغطية كافية في الزنزانة تلك المرة الأولى التي يحدث لي مثل هذا الموقف المخجل، بكيت كثيرا، لكن ضحكت بعدها أكثر على ما حل بي، فالمشاعر تساوت عندي ..... مرّة حلمْت أني أقتات على الورق كان الورق ذو رائحة جميلة رغم كونه جافا، أما طعمه فكان جد لذيذ، استيقظت لأجد المذكرات في اليوم التالي، يوم صعقة الكهرباء ...
ليلة البارحة كانت أفضل كهرباء تصعقني، فقد حلمت بالضاوية 


أوراق محزنة، لا أكاد أبدأ صفحة إلا وتنسيني في الأخرى، ها أنا أدخل الورقة العاشرة والحكايات الحزينة لا تنتهي إنه منجم من الحزن والأسى، وكأن الوطن تقطّع على جسده وروحه، يشير إلى حكايات كأنها خرافة سمعنا بها من قبل على شخصيات وطنية معروفة تراه فعلا التقى بها وهذه الحقائق فعلية (......).....
أقف منذ ساعة متسمّرا في مكاني وأنا أمسك الورقة الحادية عشرة تظهر مختلفة من حيث الورق وهي خالية من الكلمات تحمل -فقط- صورة لفتاة تبدو ملامحها مألوفة لي كأني التقيتها من قبل إنها الضاوية جميلة ورقيقة عمرها لا يتجاوز العشر سنوات ....


https://interactive010101.blogspot.com/2018/12/GirlofDestiny.html

إنه رسام بارع، لم يذكر ذلك في مذكراته، جاء بأدق التفصيل والقلادة .... أين رأيتك أيتها الصغيرة؟  لا أذكر لكنك في ذاكرتي ... الورقة الحادية عشر لا تحمل إلا الرقم 80 في الأسفل لا أدري ما يعني، هو الرقم الذي كرّره في الصفحة الأخيرة وهو عدد صفحات الجزء الأول.. سأبحث في الرقم، لا بد أنه يُخفي سرا ما، عليّ إنهاء هذا الجزء أولا، في الصفحة الثانية عشرة يفتتح كلامه بالإشارة إلى خبراء دولة أجنبية للإصلاح.. يتكلم عن واقعنا اليوم...


https://interactive010101.blogspot.com/2018/12/Diary12.html








إنه يقصدنا، يقرأ واقعنا اليوم، كل الكلام الذي قاله خلال هذه الصفحات يعكس حالنا اليوم نحن أشبه بالدمى بين يدي الآخر، يتم التحكّم فينا بشكل كليّ خصوصا بعد انتشار النت والفايس ومختلف المواقع، إنهم يعرفون عنا أكثر مما نعرفه عن أنفسنا، يصنعون مستهلكين لسلعهم التي لا تنتهي، لباس أكل، نمط حياة، إن زاد عددنا أو أردنا شق عصا الطاعة فجّروا الفتن وبدأت مصانع السلاح في العمل، أي عالم حقير هذا؟ ..

(للتفاعل وإضافة مسارات جديدة اضغط هنا/ اكتب الرمز مع الرسالة.10)
ها أنا في الصفحة العشرين والرجل يفضح كل شيء المؤامرة أكبر مما كنا نظن، إنها حرب فعلية لكنها خفيّة في الكواليس، الشعب لا يعرفها، ومن عرف مات أو جن أو أسكت قهرا... أبلغ نصف الجزء الثاني من المذكرات وأزمات البلاد والوطن لا تنتهي إنها فضائح من العيار الثقيل لم يذكر الأسماء كاملة لكنه رمّز وأشار أظنني أعرف بعضهم فهم لا يزالون في السلطة إلى اليوم في الصفحة (17) يتكلّم عن صفقة الحليب يشير إلى اسم سليمان هو ذاته سليمان الشيطان الذي نعرفه اليوم ... اللعنة اسمه على اسم نبي الله سليمان لكنه أبعد ما يكون عن الإنسانية والدين..

ص17


لازالت المذكرات مستمرة والألم معها... مع مرور الصفحات أشعر أنه يودعني إنه يطلق قبلة وداع.....

google-playkhamsatmostaqltradent